سجّلت الجزائر ناتجًا داخليًا خامًا يفوق 74 مليار دولار أمريكي خلال الربع الأول من سنة 2025، وفق ما كشف عنه تقرير حديث صادر عن الديوان الوطني للإحصاء. وقد بلغت القيمة الإجمالية للناتج المحلي بالعملة الوطنية 10,047.4 مليار دينار جزائري، فيما تم تحويلها إلى الدولار باعتماد متوسط سعر صرف يقدّر بـ136 دينار للدولار الواحد.
هذا الرقم يعكس استمرار التعافي الاقتصادي ونجاعة الإصلاحات الهيكلية التي باشرتها الدولة في السنوات الأخيرة، خاصة في ظل تسجيل نمو اقتصادي عام بنسبة 4.5%، ونمو خارج قطاع المحروقات بنسبة 5.7%، وهي مؤشرات إيجابية تدل على أن الجزائر بدأت تفك ارتباطها التدريجي بعائدات النفط وتدخل فعليًا في مسار التنويع الاقتصادي.
وتأتي هذه النتائج مدفوعة بتحسن أداء عدد من القطاعات الحيوية، على غرار الزراعة التي نمت بنسبة 6.1%، والصناعات الغذائية والجلدية التي تجاوزت نسبة 5%، فضلًا عن انتعاش قطاع التجارة بـ8.9% والنقل والاتصالات بـ8.3%. كما عرف الطلب الداخلي ارتفاعًا كبيرًا بـ10.4%، بفعل زيادة الاستهلاك الأسري والاستثمار الداخلي، خاصة في تكوين رأس المال الثابت الذي ارتفع بنسبة 13.9%.
ورغم هذا الأداء الإيجابي، لم يخلُ التقرير من بعض التحديات، أبرزها التراجع المسجل في الصادرات بنسبة 3.8%، يقابله ارتفاع كبير في الواردات بلغ 24%، وهو ما يشير إلى استمرار هشاشة الميزان التجاري وضرورة دعم الإنتاج المحلي الموجّه للتصدير.
وعند استقراء هذه الأرقام على امتداد السنة، يمكن التنبؤ بأن الناتج المحلي الخام للجزائر قد يتجاوز عتبة 300 مليار دولار بنهاية 2025 إذا استمرت الوتيرة الحالية للنمو، وهو ما من شأنه أن يعيد الجزائر إلى واجهة الاقتصادات الصاعدة في القارة الإفريقية والمنطقة العربية.
يمثّل بلوغ 74 مليار دولار في ربع واحد ليس فقط رقمًا اقتصاديًا بل عنوانًا لمرحلة جديدة من التحوّل البنيوي، يُفترض أن تتعزز من خلال مواصلة تحسين مناخ الأعمال، توسيع القاعدة الصناعية، ودعم المبادرات الإنتاجية في شتى القطاعات.