نعيد نشر المقال الذي أعده زملاؤنا في موقع africainside والذي يكشف سبب الضجة التي تثيرها وسائل الإعلام والسياسيين الفرنسيين حول محاكمة بوعلام صنصال في الجزائر. والهدف من ذلك: صرف الانتباه الدولي عن الصمت المتواطئ الذي تفرضه فرنسا على المعاملة اللاإنسانية التي يتعرض لها الصحفي والمؤرخ الفرنسي المغربي المعطي منجب، الذي يتعرض لخطر الموت في المغرب، حيث أضرب عن الطعام احتجاجًا على المضايقات التي يتعرض لها من قبل نظام محمد السادس الاستبدادي، حليف السلطة الفرنسية.
دخل المعطي منجب، وهو مؤرخ فرنسي مغربي يبلغ من العمر 63 عامًا، في إضراب عن الطعام في 3 أبريل 2025 لكسر جدار المنع من مغادرة المغرب. كان تصرفًا يائسًا مرّ مرور الكرام على فرنسا المنومة مغناطيسيًا بكاتب آخر: بوعلام صنصال، النجم بلا منازع في الأوساط الإعلامية اليمينية المتطرفة. وبينما يتلذذ أحدهما بالتكريمات وعناوين الصحف، يعيش الآخر حياته في لامبالاة باريسية، ضحية سهوٍ يعبّر عن أولويات فرنسا.
ليس غريبًا على المهتمين بالنضال من أجل حرية التعبير في العالم العربي.
ولد هذا المؤرخ والناشط في عام 1962، وصنع لنفسه اسمًا من خلال تحليلاته الثاقبة للتاريخ السياسي المغربي. فكتابه ”الملكية المغربية والنضال من أجل السلطة“ (1992)، وهو نتاج أطروحته التي ناقشها في باريس، يشرح فيه طريقة عمل النظام الاستبدادي.وهو الموضوع الذي استمر في استكشافه في أعمدته ومقالاته باللغتين العربية والفرنسية، منددًا بلا هوادة بـ”المخزن“، السلطة الغامضة التي تحبس البلاد، وداعيًا إلى دمقرطة حقيقية.
تعرض منجب، مؤسس مركز ابن رشد لتعزيز الصحافة الاستقصائية، لغضب السلطات المغربية.
كان لنضاله من أجل صحافة حرة ثمن : فقد مُنع من مغادرة المغرب منذ عام 2020 بحجة التحقيق في ”غسيل الأموال“، كما صودرت ممتلكاته، وعُلقت وظيفته الجامعية وعرقلت حياته اليومية.وقد أنهكته سنوات القمع، وهو الآن يخاطر بصحته الهشة أصلاً، التي تعاني من مرض السكري ومشاكل في القلب، في إضراب جديد عن الطعام.الهدف: الاحتجاج على عدم قدرته على حضور مؤتمر في جامعة السوربون.
هذه ليست المرة الأولى: ففي عامي 2021 و2022، سبق له أن عرّض جسده للخطر للأسباب نفسها. في الثالثة والستين من عمره، كل يوم من الصيام هو تحدٍ للموت، وفعل مقاومة لنظام يفضل أن يراه يموت على أن يتحدث علانية.
مقال نُشر في صحيفة لوفيغارو في 3 أبريل 2025، وسرعان ما طغت عليه اللامبالاة العامة. قارنوا ذلك بالضجة التي أحاطت ببوعلام صنصال، الكاتب الفرنسي الجزائري البالغ من العمر 75 عامًا، والذي تم الإشادة به. مظاهرات في باريس، وتصريحات لإيمانويل ماكرون، وافتتاحيات نارية، ولجان دعم: يا له من سيرك لكاتب تروق رواياته البائسة للجمهور الغربي المتحمس لانتقاد الإسلام. لقد أصبح صنصال، الذي حصل حديثًا على الجنسية الفرنسية في عام 2024، قضية مشهورة، في حين أن منجب، وهو فرنسي مغربي قديم، يقبع في طي النسيان.
التناقض ملفت للنظر.فمن ناحية، هناك صنصال المقدس، الذي يخدم تمرده الأدبي وسائل الإعلام الفرنسية؛ ومن ناحية أخرى، هناك منجب المتحفظ، المثقف جداً، وربما المحرج جداً للمصالح الاقتصادية والدبلوماسية بين باريس والرباط.لا مسيرات خارج السفارة المغربية، ولا عرائض باسمه.أولويات فرنسا واضحة وضوح الشمس: نحتفي ببطل مبالغ فيه في سن الـ75، بينما نتجاهل شهيدًا يخاطر بحياته في سن الـ63.إنه انعكاس محزن لفرنسا التي تعرف كيف تغض الطرف عندما تتطلب تحالفاتها ذلك.