استقبل الأمين العام لوزارة الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج السيّد عمار بلاني، اليوم الأربعاء 08 مارس 2023، سفير جمهورية الصين الشعبية بالجزائر, السيد لي جيان.
بهذه المناسبة، نوّه الطرفان بالصداقة العميقة وروح التضامن التي لطالما ميّزت العلاقات التاريخية بين الجزائر و جمهورية الصين الشعبية، وعبّرا عن ارتياحهما للإرادة المشتركة التي تحذو القيادتين الجزائرية والصينية للدفع قدما بالتعاون الثنائي إلى مستويات أرقى تعبرّ عن الإمكانيات الكبيرة التي يتمتع بها البلدان على صعيد التكامل الاقتصادي بينهما و حضورهما الجيوسياسي و الدبلوماسي في الساحتين الإقليمية و الدولية .
انصبت المباحثات المعمقة و المثمرة التي أجراها الجانبان على الاستحقاقات القادمة المسجلة على أجندة العلاقات الثنائية، وفي مقدمتها الزيارة التي يعتزم رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون القيام بها إلى جمهورية الصين الشعبية خلال السنة الجارية. بهذا الخصوص، شدّد الطرفان على ضرورة التحضير الجيد لهذه الزيارة الهامة وتوفير كافة الظروف الكفيلة بإنجاح هذا الاستحقاق الثنائي المحوري الذي ينتظر منه إحداث نقلة نوعية جديدة في العلاقات الجزائرية الصينية وإضفاء محتوى أكثر صلابة و أكثر تنوّعا للشراكة الاستراتيجية الشاملة التي يطمح البلدين لإرسائها.
كما أشار الجانبان، في ذات السياق، إلى ضرورة تسريع تجسيد المشاريع المهيكلة الهامة المضمّنة في الخطة الخماسية الثانية للشراكة الاستراتيجية (2022-2026) والخطة التنفيذية للبناء المشترك لمبادرة الحزام والطريق وكذا الخطة الثلاثية (2022-2024) للتعاون في المجالات الرئيسية، لاسيما إنجاز ميناء “الجزائر وسط” بشرشال، تثمين استغلال منجم الحديد بغار جبيلات بتندوف، استغلال وتحويل الفوسفات ببلاد الهدبة بتبسة وواد الكبريت بسوق اهراس، وتطوير منجم الزنك والرصاص بواد أميزور ببجاية.
وفي سياق متصل، أثنى السفير الصيني على التقدّم المنجز من طرف الجزائر على صعيد تحسين مناخ الأعمال والاستثمار في الجزائر، وأعرب عن الإهتمام البالغ الذي يوليه المتعاملون الاقتصاديون الصينيون لعقد شراكات رابحة مع نظرائهم الجزائريين، لاسيما في ظل الفرص الواعدة التي يمنحها قانون الاستثمار الجديد بما يتيحه من استقرار تشريعي ورؤية أفضل للمستثمرين الأجانب.
بدوره، دعا عمار بلاني إلى خلق مجلس أعمال مشترك جزائري صيني في أقرب الآجال لتمكين رجال الأعمال من كلا البلدين من التواصل الدائم والبحث في تنفيذ مشاريع شراكة مثمرة ومربحة للطرفين.
على صعيد آخر، أبانت المباحثات بين الجانبين عن تقارب كبير في وجهات نظر البلدين ومواقفهما بخصوص العديد من المسائل الدولية والإقليمية، لاسيما في ما يرتبط بسعيهما المشترك لتعزيز فكر عدم الإنحياز وتطبيق القانون الدولي دون انتقائية وبعيدا عن المعايير المزدوجة، فضلا عن تحصين العالم ضدّ المخاطر الجسيمة الناجمة عن حالة الاستقطاب الحاد التي تشهدها العلاقات الدولية حاليا.
في هذا الصدد، جدّد المسؤولان مطالبة كلّ من الجزائر والصين بإصلاح منظومة الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي على النحو الذي يضفي أكثر عدالة في صيغته التمثيلية وأكثر شفافية في طرق عمله وبما يؤسّس لنظام عالمي جديد متعدد الأقطاب. ولقد أعرب السفير الصيني بهذا الخصوص عن دعم بلاده لمطالب الدول الإفريقية العادلة برفع الظلم التاريخي الذي تعرضت له القارة الافريقية بحرمانها من التمثيل الدائم داخل مجلس الأمن الدولي.
منوها بالدور المحوري الذي تلعبه الجزائر في العالمين العربي والإسلامي وبريادتها المشهود لها في الفضاء المتوسطي والساحة الإفريقية، أعرب السفير الصيني عن دعم بلاده الكامل و ترحيبها الكبير بانضمام الجزائر إلى مجموعة البريكس.
بخصوص قضية الصحراء الغربية، أكد عمار بلاني لمحدثه أنّ الانسداد الحالي الذي يشهده مسار المفاوضات بين المملكة المغربية وجبهة البوليزاريو ناجم بالأساس عن تزمت الطرف المغربي وإصراره على فرض مشروعه غير الواقعي وغير القابل للتطبيق للحكم الذاتي في إقليم الصحراء الغربية في تجاهل تام لكافة اللوائح الأممية ولدعوات الامين العام للأمم المتحدة و مبعوثه الشخصي ستيفان دي ميستورا بضرورة استئناف المفاوضات بين طرفي النزاع بحسن نية ودون شروط مسبقة. وحذّر، في ذات السياق، بأن هذا الموقف المغربي المتعنت واللامسؤول الذي يراهن على إدامة الوضع الحالي بتواطؤ دول معروفة وعبر عقد صفقات مشبوهة ومخجلة يمثل تحديا جسيما لاستقرار وأمن المنطقة الذي تحرص الجزائر بكل مسؤولية و حكمة عدم المساس به.