انعقد مساء أمس حفل استقبال بمناسبة الذكرى الـ76 لتأسيس جمهورية الصين الشعبية، بحضور شخصيات رسمية جزائرية رفيعة المستوى، ورؤساء البعثات الدبلوماسية، وممثلي الجالية الصينية، وأصدقاء الصين من مختلف الأوساط ، أين توجه سعادة السفير دونغ قوانغلي في كلمته الترحيبية بالشكر للحضور، مشددًا على أن الذكرى الـ76 لتأسيس الصين تمثل مسيرة كفاح ملهمة تحولت خلالها البلاد من دولة زراعية إلى ثاني أكبر اقتصاد عالمي، وساهمت بأكثر من 30% في النمو الاقتصادي العالمي، كما أخرجت أكثر من 800 مليون مواطن من براثن الفقر. وأضاف: “هذه الإنجازات تجسد نجاح طريق التحديث الصيني، الذي يثبت أن التنمية لا تعني التغريب، بل يمكن تحقيقها باحترام الخصوصيات الوطنية”.
تكريم الروابط التاريخية بين الجزائر والصين ودعم التعددية الدولية
استذكر السفير الدور التاريخي للصين والجزائر في مقاومة الاستعمار، مؤكدًا أن البلدين يواصلان اليوم الدفاع عن قيم التعددية والعدالة الدولية. وأشار إلى أن مبادرة الحوكمة العالمية التي أطلقها الرئيس شي جين بينغ تهدف إلى تعزيز السلام والتنمية المستدامة، مما يلقى صدى إيجابيًا لدى الجزائر والدول الأفريقية.
مؤكدا في ذات الصدد أنه زار أكثر من 10 ولايات للتعرف على عادات وتقاليد الشعب وثمار التعاون بين البلدين، واكتسبت فهما عميقا لحيوية نمو الجزائر والأساس المتين للصداقة بين البلدين. يسعدني أن أرى أنه وبجهود مشتركة من جميع الأطراف، حقق التعاون الصيني-الجزائري هذا العام العديد من النتائج الجديدة، وأصبحت دعامات العلاقات الثنائية أكثر متانة منذ أن شغل منصب سفير الصين لدى الجزائر لأكثر من 9 أشهر.
مشددا على أنه أصبح التنسيق الاستراتيجي أوثق. يلتزم الجانبان بالقيادة الاستراتيجية، ويعمقان تنفيذ نتائج لقاءات قادة البلدين ومؤتمرات منتدى التعاون الصيني-الأفريقي ومنتدى التعاون الصيني-العربي، ويواصلان توطيد وتعزيز الثقة السياسية المتبادلة. التبادلات الثنائية تتوالى بدون انقطاع، حيث عقد وزيرا خارجية البلدين اجتماعًا على هامش اجتماع وزراء خارجية مجموعة ال20، وزيارة مسؤولين رفيعي المستوى للصين، منهم وزير اقتصاد المعرفة والمؤسسات الناشىئة والمؤسسات المصغرة ووزير البريد والمواصلات السلكية واللاسلكية، وكاتبة دولة لدى وزير الشؤون الخارجية مكلّفة بالشؤون الإفريقية، والمدير العام للأمن الوطني، ورئيس اللجنة الخارجية للمجلس الشعبي الوطني؛ وزيارة المسؤولي الرفيع المستوى الصينيين للجزائر، منهم رئيس دائرة تطوير التجهيزات باللجنة العسكرية المركزية للصين، ورئيس لجنة القوميات والأديان الوطنية للمؤتمر الاستشاري السياسي للشعب الصيني، ورئيس دائرة العلاقات الخارجية للجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني، ورئيس جمعية الصداقة للشعب الصيني مع الشعوب الأجنبية، ورئيس اللجنة الدائمة لمجلس نواب الشعب الصيني ببلدية تشونغتشينغ. التعاون متعدد الأطراف وثيق جدًا، حيث يحافظ الجانبان على التواصل والتنسيق في القضايا الدولية والإقليمية مثل قضية فلسطين، ويدافعان بحزم عن المصالح المشتركة للدول النامية. تأسست مؤخرا المنظمة الدولية للوساطة التي بادرت إلى إنشائها الدول منها الصين والجزائر، مما يضيف أداة مهمة للدول لسد الثغرات في الحوكمة العالمية والدفاع عن العدالة الدولية.
قاعدة التعاون في مشاريع كبرى قوية وراسخة
يتسارع إطلاق إمكانات التعاون. تعمل الصين والجزائر على الاستفادة القصوى من المزايا التكميلية وإطلاق طاقات التعاون وتنمية محركات نمو جديدة، مما يساهم في ترقية التعاون الاقتصادي والتجاري الثنائي. بفضل الاهتمام الشخصي من الرئيس تبون ومشاركة الوزير الأول الحالي سيفي غريب، عُقد منتدى الأعمال الصيني-الجزائري حول الاستثمار بنجاح في أبريل من هذا العام، حيث شارك فيه أكثر من 170 شركة من الجانبين ونحو 600 ممثل من الحكومة والقطاع الاقتصادي، وتم التوصل إلى سلسلة من نتائج التعاون المهمة وخطابات النوايا. يدعم الجانب الصيني بقوة استضافة الجزائر الطبعة الرابعة لمعرض التجارة البينية الإفريقية، حيث عرضت 16 شركة صينية رائدة أكثر من 70 منتجا في معرض الجزائر. شجعت هذه الفعاليات الشركات الصينية على مواصلة زيادة استثماراتها وتعاونها في مجالات مثل السيارات والنفط والغاز والطاقة المتجددة في الجزائر، ويبلغ إجمالي الاستثمارات الصينية في الجزائر حاليا أكثر من 7 مليارات دولار. إن قاعدة التعاون في مشاريع كبرى قوية وراسخة، حيث تم الانتهاء من إنجاز أعمال القسم ذي الأولوية من مشروع السكك الحديدية العملاق الذي يهدف إلى ربط الجنوب الغربي للجزائر بشمالها وتنفذه شركة صينية، وهذا يمثل تقدما كبيرا في بناء أول سكة حديد ثقيلة في الصحراء بأفريقيا. التعاون في المجالات الجديدة في ازدهار، حيث سيتم قريبا الانتهاء من بناء مشروع المركز الوطني للخدمات الرقمية، ويتقدم التعاون في بناء القدرات وإدارة الذكاء الاصطناعي بشكل متزامن. تزداد قائمة التعاون العملي بين البلدين طولًا وتغطي مجالات أوسع، مما يضخ طاقة قوية في تطور العلاقات الثنائية.
الافتتاح الرسمي لأول معهد كونفوشيوس في الجزائر
يتعمق التبادل الثقافي والإنساني. تواصل الصداقة التقليدية الصينية-الجزائرية التطور، حيث قام المجاهدون الجزائريون الذين تدربوا في الصين بزيارة الصين مرة أخرى بعد أكثر من 60 عاما، مما أثار صدى عاطفي واسع بين شعبي البلدين، ويشجع الجيل الجديد على الحفاظ على هذه الصداقة التاريخية. لم تنخفض حرارة التبادلات الحزبية والمحلية، حيث سافر الأمين العام لحزب جبهة التحرير الوطني إلى الصين لحضور المؤتمر الوزاري للحوار العالمي بين الحضارات، وتوأمة رسميا بين بلدية تشونغتشينغ وولاية عنابة، وتبادل قوي بين مقاطعة خنان وولاية الجزائر. التبادلات الثقافية نشطة ومتنوعة، حيث تم الافتتاح الرسمي لأول معهد كونفوشيوس في الجزائر بجامعة الجزائر 2 اليوم صباحا، وسيتم قريبا افتتاح ثاني قسم اللغة الصينية بالجزائر في جامعة قسنطينة. تزور الوفود الصينية الجزائر للمشاركة في مختلف المهرجانات الفنية والمعارض السياحية، وأصبحت الجزائر تدريجيا وجهة جديدة للسياح الصينيين. التبادلات الإنسانية التي لا تحصى تنسج رابطة عاطفية يجعل شعب البلدين رغم البعد الجغرافي يفهمان ويستلهمان من بعضهما البعض، مما يمنح زخما داخليا قويا في تطور العلاقات الصينية-الجزائرية.
عقلية الحرب الباردة والهيمنة وأحادية الجانب لا تزال تخيم على العالم
وإعتبر السفير أن الظلال عقلية الحرب الباردة والهيمنة وأحادية الجانب لا تزال تخيم على الأنحاء، وتزداد التهديدات والتحديات الجديدة، ودخل العالم فترة من معضلات الحوكمة المتشابكة وضعف القدرة على المواجهة. بمناسبة الذكرى ال80 لانتصار الحرب العالمية ضد الفاشية وتأسيس الأمم المتحدة، قدم الرئيس شي جين بينغ، بناءً على رؤية متعمقة لتطور العلاقات الدولية واستخلاص الدروس من التاريخ، مبادرة الحوكمة العالمية رسميا. ترتكز هذه المبادرة على مفاهيم أساسية هي الالتزام بالمساواة في السيادة وسيادة القانون الدولي، وممارسة تعددية الأطراف، والدعوة إلى وضع الشعب في المقام الأول، وتحقيق نتائج ملموسة، وهي تتردد مع مبادرة التنمية العالمية ومبادرة الأمن العالمية ومبادرة الحضارة العالمية، ويزيد من الاستقرار واليقين لعالم مضطرب من أبعاد مختلفة، وتحدد اتجاه التعاون لحل عجز الحوكمة العالمية ومواجهة تحديات العصر.
نقف عند نقطة انطلاق العصر الجديد
إن كلا من الصين والجزائر حاملان اللواء ومدافعان عن روح مقاومة الاستعمار والهيمنة، ولديهما تقارب استراتيجي كبير وتوارد خواطر في قضايا الحوكمة العالمية والتعاون الدولي. ونحن نقف عند نقطة انطلاق العصر الجديد، يجب على الصين والجزائر مواصلة العمل بقلوب واحدة وتعاون مخلص، لجعل العلاقات الثنائية نموذجا للتعاون العملي، وقدوة للاستفادة المتبادلة بين الحضارات، ومعيارا للحوكمة العالمية، والمساهمة في تسريع بناء مجتمع مستقبل مشترك للبشرية وخلق مستقبل أفضل .