أكد وزير الصحة، محمد الصديق آيت مسعودان، اليوم الجمعة، خلال جلسة اعتماد “إعلان الجزائر” الختامية للمؤتمر الوزاري الإفريقي حول الإنتاج المحلي للأدوية، أن الجزائر تضع تجربتها الرائدة في المجال الصيدلاني “بكل اعتزاز” في خدمة أشقائها الأفارقة، داعياً إلى تحويل الإعلان من “وثيقة سياسية إلى برنامج عمل واقعي”.
رؤية مشتركة وتحديات مشتركة
وأشار الوزير إلى أن “إعلان الجزائر” يُمثل ثمرة مناقشات معمقة ورؤية مشتركة، وقناعة راسخة بأن مستقبل الصحة والصناعة الصيدلانية في إفريقيا “يجب أن يُبنى بإرادة جماعية، وبقدرات محلية قوية، وبشراكات استراتيجية فعالة”.
ولفت إلى أن الإعلان “سيبرز بوضوح حجم التحديات التي تواجه قارتنا، كما سيضع خارطة طريق عملية تعكس إرادتنا السياسية القوية”.
سبع ركائز عملية لتحقيق السيادة الصحية
وحدد الإعلان مجموعة من المرتكزات العملية التي تُشكل أساساً لتحقيق الأهداف المشتركة، أبرزها:
رفع الحواجز التنظيمية لتسهيل المبادلات التجارية الآمنة ذات الجودة العالية، والسعي نحو فضاء تجاري إفريقي أكثر انسجاماً من خلال مراجعة الإجراءات المعيقة لحركة المواد الأولية والمنتجات الصيدلانية.
توحيد الإطار التشريعي للصناعات الصيدلانية عبر اعتماد مقاربة تشريعية موحدة لتقليص التشتت القانوني بين الدول الإفريقية.
إنشاء منصة قارية لتجميع الطلبيات الخاصة بالمواد الأولية لضمان وفرتها.
تعزيز التعاون الصناعي بين الدول الإفريقية لتحقيق التكامل من خلال توزيع الأدوار وفق القدرات التكنولوجية والبشرية لكل دولة.
تمكين الجزائر من أداء دورها القيادي في دعم استقلالية القارة الصحية بناءً على تجربتها الرائدة في تصنيع الأدوية واللقاحات.
تعزيز استقلالية إفريقيا في تكنولوجيات الصحة والابتكار العلمي عبر تشجيع الاستثمار في التكنولوجيا الحيوية والذكاء الاصطناعي في المجال الصحي.
إرساء ريادة الجزائر كقوة دافعة في مسار الإنتاج المحلي وتطوير أنظمة الصحة الإفريقية.
الجزائر تضع تجربتها في خدمة أشقائها الأفارقة
وأشاد وزير الصحة بالجهود المتواصلة للحكومات الأفريقية والهيئات التنظيمية، معرباً عن اعتزاز الجزائر بوضع “تجربتها في مجال التصنيع الصيدلاني في خدمة أشقائها الأفارقة” بما يسهم في بناء تعاون قاري متين.
من الوثيقة السياسية إلى البرنامج التنفيذي
واختتم آيت مسعودان كلمته بالتأكيد على أن “المسؤولية اليوم مسؤولية تاريخية أن نُحوّل هذا الإعلان من وثيقة سياسية إلى برنامج عمل واقعي، وإلى إنجازات ملموسة يشعر بها كل مواطن إفريقي”، مجدداً التزام الجزائر الكامل بمواصلة العمل الجماعي الإفريقي لتحقيق هذا الهدف النبيل.
إشادات دولية والتزامات عملية
من جانبها، أشادت ممثلة منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) في الجزائر، السيدة كاتارينا جوهانسن، “بروح الريادة” التي أظهرتها الجزائر مع شركائها الأفارقة، معتبرة أن “إعلان الجزائر” يعكس رؤية مشتركة والتزاماً قوياً بدفع النمو الصناعي المستدام في مجال الصحة.
وكشفت جوهانسن عن التزام اليونيسف الرسمي بتوفير 20% من مشترياتها العالمية من اللقاحات عبر مصنّعين أفارقة بحلول عام 2035، معتبرة أن هذا الهدف “ليس مجرد هدف رمزي، بل تحول هيكلي” يستدعي مواصلة الاستثمارات والقيادة السياسية.
وأعلنت أن اليونيسف ستنظّم سلسلة لقاءات مع منتجي القطاع الخاص في إفريقيا في مجالات الأدوية والتكنولوجيات الصحية، بهدف تحويل الالتزامات السياسية إلى طلبات شراء فعلية وتوسيع فرص الإنتاج المحلي، والرّهان على تعزيز أمن الإمدادات الصحية للأطفال والمجتمعات الإفريقية.
يذكر أن “إعلان الجزائر” يُمثل خارطة طريق استراتيجية لتعزيز السيادة الصحية الإفريقية من خلال تطوير الصناعة الصيدلانية المحلية وتقليص الاعتماد على الاستيراد، بعد أن كشفت جائحة “كوفيد-19” عن هشاشة النظم الصحية في القارة.










