أكد وزير الشؤون الخارجية والجالية الوطنية بالخارج, أحمد عطاف, اليوم الاربعاء بالجزائر العاصمة, أن التعاون الثنائي بين الجزائر وتونس خطى خطوات “مشجعة”, تجسيدا للتوجيهات السامية لرئيس الجمهورية, عبد المجيد تبون, ونظيره التونسي قيس سعيد.
وفي تدخله مباشرة بعد انطلاق أشغال الدورة ال22 للجنة المشتركة الكبرى الجزائرية-التونسية للتعاون, قدم عطاف حوصلة حول أهم نتائج أشغال لجنة المتابعة, التي التأمت مساء أمس الثلاثاء تحضيرا لهذا اللقاء, والتي ترأسها مناصفة مع نظيره التونسي نبيل عمار, مشيرا الى أن اللجنة “تناولت بالدراسة والبحث والتقييم مختلف ملفات التعاون الثنائي المكثف والثري, في مختلف أبعاده الاقتصادية والاجتماعية والإنسانية, التي تعكس في مضمونها وفي مراميها خصوصية العلاقات الأخوية المتميزة والمتجذرة بين بلدينا وبين شعبينا الشقيقين”.
و أوضح أن من جملة ما خلص إليه اجتماع لجنة المتابعة, التأكيد على “الآفاق المستقبلية الواعدة التي تنتظر هذه العلاقات, حيث تم الوقوف على تحديد وتنشيط مجالات جديدة للتعاون الثنائي, مع اعتماد خطوات فعلية لدعم هذا النهج البناء وتبني حلول عملية لتجاوز العراقيل العابرة أو المعوقات الظرفية التي تعترض سبيل جهودنا المشتركة”.
وذكر أن اللجنة -التي شارك فيها ممثلون عن 30 قطاعا وزاريا ومؤسسة وطنية من الجانبين- تناولت أربعة حزم من الملفات, تتعلق بالتعاون الاقتصادي والتجاري, والتعاون الحدودي والأمني, والتعاون في مجال الموارد البشرية والاجتماعية, وتعزيز الإطار القانوني للتعاون الجزائري-التونسي الشامل.
وفيما يخص التعاون الاقتصادي والتجاري, قال الوزير عطاف أنه تم التركيز بصفة خاصة على الملفات المتعلقة بالمبادلات التجارية والاستثمار البيني والتعاون المالي وكذا التعاون الطاقوي, إلى جانب القطاعات الاقتصادية الأخرى, حيث سجلت اللجنة “ارتياحا كبيرا للنسق التصاعدي الذي يعرفه حجم المبادلات التجارية والذي حقق خلال العام الماضي مبلغا إجماليا يقدر ب1.9 مليار دولار أمريكي, مع التشديد على ضرورة مواصلة الجهود للرفع من هذا الحجم وتنويع المبادلات البينية, وحل القضايا العالقة”, و أكدت على ضرورة تسهيل مهمة المستثمرين من خلال تعزيز التواصل والتعاون بين الوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار ونظيرتيها التونسيتين.
و ابرزت اللجنة في السياق -يقول الوزير- “الأهمية الخاصة التي يكتسيها ملف الطاقة, باعتباره أحد الأركان الأساسية وحجر الزاوية الذي يدعم التعاون الجزائري-التونسي, مع التعبير عن ارتياحها للمستوى الذي حققه التعاون الثنائي في هذا المجال الحيوي”.
وفيما يتعلق بالتعاون الأمني والحدودي, فثمنت اللجنة -يقول السيد عطاف- “تكثيف نسق التعاون والتنسيق بين البلدين في مواجهة التهديدات المشتركة المتمثلة في التهريب والهجرة السرية, مؤكدة على ضرورة الإسراع في عقد اجتماع اللجنة الأمنية المشتركة في أقرب وقت ممكن”.
وفي الشق التنموي, تم التأكيد على ضرورة مواصلة الجهود لتنمية المناطق الحدودية بناء على التجارب الناجحة السابقة, والاتفاق على إنشاء لجنة ثنائية لتأطير ودعم التعاون الموجه لتعزيز التنمية في هذه المناطق التي تحظى بعناية خاصة, باعتبارها نقاط التلاقي الأولى والمباشرة بين الشعبين الجزائري والتونسي.
أما فيما يخص الموارد البشرية, فتم التأكيد -حسب الوزير- على “ضرورة إيلاء أهمية خاصة للتعاون في هذا المجال, لكونه يهتم بالعنصر البشري بالدرجة الأولى, وباعتباره رافدا قويا من روافد التواصل بين شعبي البلدين على شتى الأصعدة”.
وبشأن تعزيز الإطار القانوني للتعاون الشامل, فأوضح أنه تم تحضير 26 مشروع اتفاقية ثنائية للتوقيع عليها في ختام هذه الدورة الهامة وتغطي 16 قطاعا وزاريا, معتبرا أنه “من شأن هذه الاتفاقيات أن تعزز الرصيد القانوني الذي يؤطر العلاقات الجزائرية-التونسية في مختلف المجالات, والذي يضم حاليا أكثر من 200 اتفاقية ثنائية”.
وشدد وزير الخارجية أنه “تم التأكيد على أهمية ضمان متابعة حريصة لتنفيذ هذه الاتفاقيات عبر إجراء تقييمات دورية من قبل القطاعات المعنية بصفة مشتركة لتحري مدى تجسيد الالتزامات المنبثقة عن هذه النصوص القانونية, وترجمة مضمونها إلى واقع ملموس يبعث بإشارات قوية للمتعاملين الاقتصاديين بصفة خاصة, ويذكي شعلة الأمل لدى شعبي بلدينا الشقيقين”.
و اتفقت لجنة المتابعة على خطة طريق تحدد بصفة “واضحة ودقيقة” رزنامة الاستحقاقات الثنائية المقبلة بتواريخ وأماكن انعقادها, وذلك بغية السهر على تجسيد مخرجات هذه الدورة الهامة وفق الجدول الزمني المعتمد.
وخلص الوزير عطاف أن التعاون الثنائي بين الجزائر وتونس خطى خطوات “مشجعة”, تجسيدا للتوجيهات السامية للرئيسين عبد المجيد تبون وقيس سعيد, “وذلك تكريسا لحرصهما الدائم على تثمين مقومات التقارب والتكامل, في سبيل إضفاء طابع المثالية والنموذجية على العلاقات الجزائرية-التونسية”.