أكد محافظ التراث الثقافي بالوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة، بلال ارمولي، اليوم الاثنين بالجزائر العاصمة، أن جعل التراث الثقافي كمؤشر “للتنمية المستدامة” يحتاج إلى “إدماج القيم الإقتصادية و الإجتماعية و الثقافية” في عملية الإستغلال و التسويق و “تقييم المنتج الإقتصادي للتراث”.
و أشار بلال ارمولي في ندوة حول “القطاعات المحفوظة كأداة للتنمية السياحية للمدن القديمة في الجزائر”، من تنظيم المديرية الولائية للثقافة و الفنون بمناسبة شهر التراث (18 أفريل – 18 ماي)، إلى ضرورة تقييم المنتج الإقتصادي للتراث مشيرا أن “هذا المنتج يجب أن يعبر من جهة عن الأبعاد الهوياتية الثقافية و اللحمة الإجتماعية و عن البعد الإقتصادي كمصدر ثروة من جهة أخرى”.
كما شرح المتحدث كيفية تبني مشروع إقتصادي من خلال حفظ التراث الثقافي و كيف تساهم عمليات الحفظ في إستراتيجيات التنمية الإقتصادية، و أوضح أنه “في الجزائر و على خلاف الدول المغاربية تعد هذه المعادلة صعبة التحقيق فمن جهة نجد عدم الوصول إلى تسويق حقيقي و حصر لكمية القيم الثقافية و من جهة أخرى غياب مخطط أو منهجية لإدماج البعد التراثي في عملية التنمية الإجتماعية و الثقافية”. و تطرق المتحدث إلى تطور مفهوم التراث الثقافي و سياسات الحفظ بالجزائر مستعرضا مختلف القوانين المعمول بها في هذا المجال منذ 1962.
و في ذات الإطار، تناول المتحدث مفهوم القطاع المحفوظ المتضمن في المادة 43 من قانون 98-04 إلى جانب مفهوم القطب الإقتصادي للتراث و هو عبارة عن مشاريع للتنمية المستدامة التي تعتمد على التراث الثقافي بهدف تثمين القدرات الثقافية لمنطقة مميزة في إطار إسترايتجية عامة لإعادة الإعتبار السياحي وفق النوعية التاريخية و الفنية للمكان مع ادراج هذه المناطق المميزة في منتج سياحي إقليمي. و أبرز ان هذه الأقطاب الإقتصادية للتراث الثقافي (القطاعات المحفوظة) تسمح باشراك السكان و السلطات المحلية في عملية إعادة الإعتبار لتراث منطقتهم و تشجيع الشغل و عديد النشاطات و تجعل من القطاعات المحفوظة مركز حركتها على غرار القصبة بالجزائر العاصمة و القطاع المحفوظ للصخر العتيق بقسنطينة، و وادي ميزاب غرداية و قصبة دلس.
كما إستعرض المتحدث بالصور و البيانات إندثار العديد من المعالم التاريخية بالقصبة كالمساجد و الأسواق و الأسوار الدفاعية و الأبواب و العيون و منها مساجد “ميزومورطو” و جامع “الشاوش”، “جامع السيدة ” مبرزا أن تنفيذ المخطط الدائم للحفظ و إستصلاح القطاع المحفوظ لقصبة الجزائر يستدعي “حلول أولية لإنقاذ هذا المعلم التاريخي” و كذا “إرادة سياسية” و تظافر جهود العديد من الأطراف و الفاعلين سواء في مجال السياحة و الصناعات التقليدية و الحرف و التكوين المهني و السلطات المحلية و غيرها.
من جهة أخرى، ذكر بخصوص مهام الوكالة الوطنية للقطاعات المحفوظة، أنها تقوم بتدخلات في إطار تطبيق أحكام قانون 98-04 المتعلق بحماية التراث الثقافي و السهر على تنفيذ المخطط الدائم لحفظ و إستصلاح القطاع المحفوظ و المحافظة على الطابع التراثي له و كذا برمجة و متابعة تنفيذ عمليات الترميم و التثمين المنصوص عليها في المخطط الدائم.