عاد البرلمان الأوروبي إلى ممارسة العادة القديمة، بالتجني على الجزائر عبر تبنّي مواقف عدائية وتدخل سافر في الشؤون الداخلية، انتقاما من مواقفها تجاه السياسة الأوروبية وبعض أعضائها.
لائحة البرلمان الأوروبي، وإن كانت غير ملزمة لحكومات الاتحاد، إلا أنها تؤكد مرة أخرى مدى تمكن الازدواجية في السياسات والإصرار في الانتقام من كل من يتجرأ على الخروج من حصار الاستعمار الجديد، منعا لاتخاذ مواقف سيادية تخص قرارات تتعلق بأسطوانة حقوق الإنسان والحريات المشروخة.
بالعودة إلى خلفيات هذه اللائحة التي لم تكن لترى النور لولا تدخل لوبيات مأجورة ومعروفة لدى القاصي والداني على الصعيد الإقليمي، فإن بصمات “الشبكات الفاسدة” داخل وخارج التكتل الأوروبي ماثلة ولا تتطلب كثيرا من التحري والتمحيص.
فالبرلمان الذي اهتز على وقع الرشوة وبيع الذمم مقابل حفنة من الأورو، ورحلات سياحية مليئة بالمغامرات غير الأخلاقية إلى بلاد المخزن، لا يحتاج إلى كثير من التساؤل حول أسباب وخلفيات إصدار قرارات مبطنة بحقد دفين ضد الشعب الجزائري منذ تسعينات القرن الماضي، عندما منعت جل الدول الأوروبية عن الجزائر خراطيش بنادق الصيد والذخيرة لمحاربة جماعات صناعة الموت والإرهاب.
ولأن الملف محل اللائحة يتعلق بحرية الصحافة والرأي، فإن هذه القضية التي تعالج على مستوى المحاكم الجزائرية تتصدر في كل مرة جدول أعمال المنظمات الدولية غير الحكومية، وبخاصة الهيئات الأوروبية التي تسيطر عليها لوبيات معروفة بمعاداتها للجزائر منذ عقود، وتغافلت عن النظر بعين الموضوعية إلى أن ما يتم معالجته قضائيا يخضع لقواعد دولية موثقة في معاهدات صادقت عليها الجزائر، ويتم التكتم عن ذلك من جانبها بغرض بث الشكوك وشيطنة العدالة الجزائرية ومؤسسات الدولية لاعتبارات تخص صراعا إقليميا معروفا منذ منتصف السبعينات، يتمثل في قضية الصحراء الغربية المحتلة من طرف الاحتلال المغربي المدعوم من بعض القوى الاستعمارية السابقة، وتسعى للإبقاء على الخلافات والتوتر في المنطقة المغاربية من أجل تحقيق مآرب لا تخفى عن المتابعين، وتدخل في نطاق الابتزاز والمساومة.