أثارت التصريحات الأخيرة لرئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، أحمد الريسوني، ردود فعل مستنكرة في الجزائر، خاصة من الأحزاب ذات التوجه الإسلامي والتي تربطها علاقات مع أعضاء الاتحاد.
وقالت حركة مجتمع السلم، التي تمثل أكبر حزب معارض في البرلمان، إنها تابعت بكل استغراب ودهشة الخرجة الإعلامية للدكتور أحمد الريسوني، والتي تحدث فيها عن استعداد الشعب والعلماء والدعاة في المغرب “للجهاد بالمال والنفس” و”الزحف بالملايين” إلى تندوف الجزائرية، كما تطاول فيها أيضا على دولة بأكملها، وهي موريتانيا.
ووصفت الحركة التي يقودها عبد الرزاق مقري ما بدر عن الريسوني بـ”السقطة الخطيرة والمدوية من عالمٍ من علماء المسلمين، يفترض فيه الاحتكام إلى الموازين الشرعية والقيم الإسلامية، لا أن يدعو إلى الفتنة والاقتتال بين المسلمين، وفق ما سماه الجهاد بالمال والنفس”.
وذكرت مجتمع السلم أن الريسوني يتحمل مسؤولية تبعات تصريحه هذا، ضمن الظروف الدولية والإقليمية المتوترة التي لا تتحمل مثل هذه الخرجات التي تلهب نيران الفتنة. وأشارت إلى أنه كان الأولى به الدعوة إلى مسيرات حاشدة في مختلف مدن المغرب ضد التطبيع مع الكيان الصهيوني، وكسر التحالف الاستراتيجي بين بلاده وهذا الكيان المحتل لفلسطين، لا سيما وأن حزبه هو أحد عرابي هذا التطبيع، وكان أمينه العام هو الموقع عليه رسميا. وأضافت “بدل الدعوة إلى الفتنة وإلى سفك الدماء بين المسلمين كان الأولى له أن يدعو إلى الجهاد بالمال والنفس من أجل تحرير سبتة ومليلة المغربيتين”.
وأشارت إلى أن الريسوني “تجاهل أن حدود الجزائر البرية مع المملكة المغربية الشقيقة تم ترسيمها بشكل نهائي بموجب اتفاقية ثنائية وقع عليها الجانبان بتاريخ 15 جوان 1972م، وتمَّ التصديق عليها من مجلس النواب المغربي، وتمَّ تبادل وثائق التصديق بين وزيري خارحية البلدين يوم 14 ماي 1989م”.
ودعت مجتمع السلم علماء الأمة إلى التبرؤ من هذا الموقف الخطير، والذي سيحدث فتنة بين الدول والشعوب، كما أعلنت عن تحفظها على الشخص بعينه في استغلال منصبه في الهيئة العلمائية العالمية التي يترأسها، والتي يبدو أنه سيحوِّلها إلى ساحة للفتنة والاحتراب بين المسلمين، وفق البيان.
من جانبها، قالت حركة البناء الوطني المشاركة في الحكومة، إنها تلقت بكثير من الاستياء التصريحات المثيرة للفتن بين الشعوب التي صدرت عن الريسوني في برنامج “وجوه مشرقة”، وصدمت حسبها مشاعر الجزائريين، وكثيرا من شعوب المنطقة المغاربية كالموريتانيين والصحراويين، بخطابه المتعالي، وأسلوبه الاستهتاري المثير وغير المسؤول، والمتطاول على سيادة الدول وكرامة شعوبها، لاسيما عندما يوظف مصطلح الجهاد للدخول إلى أراض جزائرية بولاية تندوف حررها شهداء ثورة المليون ونصف المليون بدمائهم الزكية، وعدم اعترافه بسيادة دولة موريتانيا”.
وأشارت الحركة، التي يرأسها المرشح الرئاسي السابق عبد القادر بن قرينة، إلى أنه “أصبح يقينا لدينا أن ترؤس مثل هذه الشخصية لهذه الهيئة سوف يضرب بمصداقيتها عندنا، وعليه ينبغي لعلمائنا أن يُبعدوا عن مؤسستهم مثل هذه الشخصيات التي لا تقدر معنى الكلمة ولا مسؤوليتها في إثارة الفتن”.
وأبرزت أن الاعتداء المتكرر من رموز مغاربة على السيادة والوحدة الترابية للجزائر هو متنوع ومتكرر بشكله الرسمي وبشكله العلمائي، مع سكوت مطبق من طرف نظام المخزن الأمر الذي يؤكد الطبيعة الاستعمارية والتوسعية المغربية والتي لا تحترم المواثيق والقوانين الدولية وحسن الجوار.
وفي خرجته المثيرة للجدل، ذكر أحمد الريسوني أن ما يؤمن به قطعا هو أن الصحراء الغربية وموريتانيا تابعتان للمملكة المغربية. وتحدث عن تعويل المسؤولين المغاربة على التطبيع مع إسرائيل بدل الشعب المغربي في قضية الصحراء الغربية. وأشار إلى استعداد الشعب المغربي للجهاد ومسيرة جديدة مثل المسيرة الخضراء اذا طلب العاهل المغربي ذلك للزحف ليس نحو العيون فقط إنما نحو تندوف الجزائرية.
وكان ترسيم الحدود بين الجزائر والمغرب تم باتفاقية ترسيم الحدود التي ضبطت هذه المسألة نهائيا سنة 1972.