تفتح مراكز الاقتراع أبوابها هذا السبت لاستقبال أزيد من 24 مليون ناخب، مدعوين لاختيار ممثليهم في المجلس الشعبي الوطني لعهدة تاسعة، في استحقاق وطني بشعار “فجر التغيير” يجري في ظل إطار قانوني جديد ضامن للنزاهة والشفافية ووسط إجراءات وقائية فرضتها الوضعية الصحية الاستثنائية.
وتم لهذا الغرض، تخصيص 13 ألف مركز اقتراع و61.543 مكتب اقتراع داخل الوطن، إلى جانب 357 مكتب اقتراع خارج الوطن، بالإضافة إلى 139 مكتب متنقل، ويؤطر هذه المراكز والمكاتب 589 ألف مؤطر -حسب معطيات السلطة الوطنية المستقلة للانتخابات.
وفي إطار هذا الاستحقاق الوطني، انطلقت يوم الأربعاء الماضي عملية الاقتراع على مستوى المكاتب المتنقلة المنتشرة بالمناطق المعزولة بولايات جنوب الوطن. ويتعلق الأمر ب 34 مكتبا متنقلا التي يشملها إجراء التصويت ب 72 ساعة قبل موعد الاقتراع وتتوزع على مختلف المناطق المعزولة والحدودية بولايات ورقلة (6 مكاتب) وتندوف (9) وتمنراست (3) وإيليزي (5) وجانت (9) وعين قزام (2)، بهدف تمكين نحو 33.890 مسجلا في القوائم الانتخابية من أداء واجبهم الانتخابي في أحسن الظروف.
وتشارك في الانتخابات التشريعية 1483 قائمة، منها 646 قائمة حزبية و837 قائمة لمترشحين أحرار.
وكان رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، قد استدعى الهيئة الناخبة لهذا الموعد الانتخابي في 11 مارس الماضي من خلال مرسوم رئاسي صدر في الجريدة الرسمية في اليوم الموالي، ليتم بعدها الشروع في المراجعة الاستثنائية للقوائم الانتخابية منتصف شهر مارس وتختتم العملية يوم 23 من نفس الشهر.
كما وقع السيد تبون بذات المناسبة، أمرا يتضمن القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات.
وجاء ذلك بعد إعلان رئيس الجمهورية، يوم 18 فبراير الفارط، في خطاب للأمة، عن حل المجلس الشعبي الوطني وتنظيم انتخابات تشريعية مسبقة، من شأنها أن تعزز “مسيرة التجديد الوطني المبنية على قيم المصارحة والثقة والشفافية ومحاربة الفساد بكل أشكاله” -مثلما أكده الرئيس تبون في رسالة له بمناسبة إحياء اليوم الوطني للذاكرة المصادف ل8 مايو، أعرب فيها عن ثقته بأن الجزائريين “تحذوهم الإرادة والوعي لتثبيت أسس الاختيار الديمقراطي الحر الكفيل بإرساء دولة المؤسسات والحق والقانون وبناء الجزائر السيدة القوية التي يحلم بها الشهداء والمجاهدون”.
وفي ذات السياق، ترأس السيد تبون، يوم الثلاثاء الماضي، اجتماعا للمجلس الأعلى للأمن خصص لتقييم التحضيرات المتعلقة بالانتخابات التشريعية، أسدى خلاله تعليمات لوزير الداخلية ومسؤولي الأجهزة الأمنية، لضمان تأمين العملية الانتخابية لا سيما مكاتب الاقتراع، وأكد أن “كل الضمانات الدستورية والقانونية والتنظيمية كفيلة بحماية الإرادة الشعبية ونزاهة العملية الانتخابية تجسيدا لأحكام المادتين 7 و8 من الدستور”.
ولإنجاح هذا الاستحقاق الوطني “الهام”، الذي سيشهد تطبيق برتوكول صحي خاص أعدته السلطة المستقلة للانتخابات تطبيقا لتدابير الحد من انتشار فيروس كوفيد-19، تجندت مختلف مؤسسات الدولة لضمان السير الحسن للعملية الانتخابية.
وبهذا الصدد، قال رئيس أركان الجيش الوطني الشعبي، الفريق السعيد شنقريحة، خلال زيارة عمل قادته يوم الاثنين الماضي إلى الناحية العسكرية الأولى بالبليدة، أنه “من أجل تأمين وضمان السير الحسن لهذا الاستحقاق الوطني الهام والسماح للمواطنين بالتعبير عن أصواتهم في جو من السكينة والطمأنينة والاستقرار، فإن كافة القيادات مطالبة بالتطبيق الصارم للتعليمات والتوجيهات الصادرة عن القيادة العليا في هذا الشأن والسهر على إفشال أي مخطط أو عمل، قد يستهدف التشويش على هذه الانتخابات أو التأثير على مجرياتها”.
ومن جهته، أكد رئيس المجلس الدستوري، كمال فنيش على المسؤولية “التاريخية” الملقاة على هيئته في “السهر على صحة أول عملية انتخابية في ظل دستور الجزائر الجديدة ونظام الانتخابات الجديد”.
وبدوره، أوضح وزير الاتصال، الناطق الرسمي للحكومة عمار بلحيمر، أن الاقتراع “ينبغي أن يتم في جو من الهدوء حتى يتمكن المواطنون من ممارسة حقهم الذي يكفله لهم الدستور، بكل حرية”، معتبرا أنه “يجب معاقبة جزائيا وبأقسى طريقة كل عمل يرمي إلى منع المواطنين من ممارسة حق أساسي وهو الفعل الانتخابي”.
وكشف بذات الصدد، أن هذا الموعد الانتخابي سيجري بحضور وسائل الإعلام الأجنبية التي تم قبول “90 بالمائة من طلبات الاعتماد” الخاصة بها، مع “إقصاء ثلاثة أو أربعة أجهزة إعلامية لا مكان لها في بلدنا، لأنها ساندت بطريقة مغرضة بعض الحركات الممنوعة” -حسب الوزير-.
إطار قانوني محكم لضمان حماية الاقتراع وتأمين أصوات الناخبين
أحيطت عملية التصويت بإطار قانوني محكم من شأنه “ضمان حماية الاقتراع من الأعمال المسيئة الرامية إلى تعطيل سيره العادي وممارسة المواطنين لحقهم الانتخابي بكل حرية”، و هذا بتكريس عقوبات قد تصل إلى 20 سنة سجنا.
فمن خلال 37 مادة، كرس القانون العضوي المتعلق بنظام الانتخابات في صيغته المعدلة، حزمة من العقوبات الرادعة، الرامية إلى حماية كافة مراحل العملية الانتخابية، وصولا إلى يوم الاقتراع، على غرار السبت المقبل، تاريخ إجراء الانتخابات التشريعية لـ 12 يونيو. و فيما يلي أهم هذه المواد:
-يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة من 30 ألف دج إلى 500 ألف دج كل من يعترض أو يعرقل أو يمتنع عمدا عن تنفيذ قرارات السلطة المستقلة.-تطبق على كل من يهين أعضاء السلطة المستقلة، خلال ممارستهم مهامهم أو بمناسبتها، نفس العقوبات المنصوص عليها في المادة 144 من قانون العقوبات والمسلطة على كل من يهين قاضيا أو موظفا عموميا أو قائدا أو أحد رجال القوة العمومية.
-يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة من 4000 إلى 40 ألف دج، كل من سجل نفسه في أكثر من قائمة انتخابية تحت أسماء أو صفات مزيفة أو قام، عند التسجيل، بإخفاء حالة من حالات فقدان الأهلية التي ينص عليها القانون.
-كل تزوير في تسليم أو تقديم شهادة تسجيل أو شطب من القوائم الانتخابية يعاقب عليه بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة من 6000 إلى 60 ألف دج.
-تسلط العقوبة سابقة الذكر على كل من يعترض سبيل عمليات ضبط القوائم الانتخابية أو إتلافها هي أو بطاقات الناخبين أو إخفائها أو تحويلها أو تزويرها.
– يعاقب بالحبس من سنة واحدة إلى 3 سنوات و بغرامة من 4000 دج إلى 40 ألف دج كل من يسلم نسخة من البطاقية الوطنية للهيئة الناخبة أو القائمة الانتخابية البلدية أو القائمة الانتخابية للمركز الدبلوماسي أو القنصلي بالخارج أو جزء منها لأي شخص أو جهة غير مخولة قانونا.
-يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة من 6000 إلى 60 ألف دج كل من سجل أو حاول تسجيل شخص آخر في قائمة انتخابية بدون وجه حق و باستعمال تصريحات مزيفة أو شهادات مزورة، كما يمكن الحكم على مرتكب هذه الجنحة بالحرمان من ممارسة حقوقه المدنية لسنتين على الأقل و 5 سنوات على الأكثر.
-يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، و بغرامة من 4000 إلى 40 ألف دج، كل من انتحل أسماء و صفات ناخب مسجل أو اغتنم فرصة تسجيل متعدد للتصويت أكثر من مرة أو قام بترشيح نفسه في أكثر من قائمة أو في أكثر من دائرة انتخابية في اقتراع واحد.
-تسلط عقوبة حبس تتراوح من 5 إلى 10 سنوات و غرامة من 100 ألف إلى 500 ألف دج، في حق كل من كان مكلفا في اقتراع، إما بتلقي الأوراق المتضمنة أصوات الناخبين أو بحسابها أو بفرزها وقام بإنقاص أو زيادة في المحضر أو في الأوراق أو بتشويهها أو تعمد تلاوة اسم غير ذلك المسجل.
-يعاقب بالحبس من 6 اشهر إلى 3 سنوات و بغرامة مالية من 4000 إلى 40 ألف دج، كل من دخل مكتب الاقتراع و هو يحمل سلاحا بينا أو مخفيا باستثناء أعضاء القوة العمومية المسخرين قانونا.
-يعاقب بالحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و بغرامة من 6000 إلى 60 ألف دج، كل من استعمل أملاك و وسائل الإدارة أو الأملاك العمومية لفائدة حزب أو مترشح أو قائمة مترشحين.
-يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى 3 سنوات، كل من حصل على الأصوات أو حولها أو حمل ناخبا أو عدة ناخبين على الامتناع عن التصويت باستعمال أخبار خاطئة أو وشايات أو تصرفات احتيالية أخرى.
-تسلط عقوبة الحبس من 6 أشهر إلى سنتين و بغرامة من 3000 إلى 30 الف دج، و بالحرمان من حق الانتخاب و الترشح لسنة على الأقل و 5 سنوات على الأكثر على كل من عكر صفو عمليات مكتب اقتراع أو أخل بممارسة حق أو حرية التصويت أو منع مترشحا أو من يمثله قانونا من حضور عملية التصويت. وفي حال ارتبط ارتكاب هذه الأفعال بحمل سلاح، ترتفع العقوبة إلى الحبس من 6 أشهر إلى 3 سنوات و 5 سنوات في حال ما ارتكبت الأفعال المذكورة آنفا إثر خطة مدبرة.
-وفي حال الامتناع عن وضع، تحت تصرف الممثل المؤهل قانونا لكل مترشح، نسخة من القائمة الانتخابية البلدية أو نسخة من محضر الفرز أو محضر الإحصاء البلدي للأصوات أو المحضر الولائي لتركيز النتائج، يعاقب المعني بالحبس من سنة إلى 3 سنوات و بغرامة من 4000 إلى 40 ألف دج، مع إمكانية تعرضه إلى الحرمان من حقوقه المدنية أو حق الترشح لمدة لا تتجاوز الخمس سنوات.
-يعاقب بالحبس من 3 أشهر إلى سنة و بغرامة من 3000 دج إلى 30 ألف كل من حمل ناخبا او أثر عليه أو حاول التأثير عليه على تصويته مستعملا التهديد، سواء بتخويفه بفقدان منصبه أو بتعريضه هو وعائلته أو أملاكه إلى الضرر.
-يعاقب بالحبس من 5 إلى 10 سنوات و بغرامة من 100 ألف إلى 500 ألف دج كل من أتلف بمناسبة انتخاب الصندوق المخصص للتصويت. و في حال ارتكاب فعل الأفعال من قبل أشخاص و بعنف، ترتفع العقوبة لتصبح من 10 إلى 20 سنوات حبس و بغرامة من 500 ألف دج إلى 2.500.000 دج.
كما يشدد ذات النص على أنه “لا يمكن بأي حال من الأحوال، إذا ما صدر حكم بالإدانة من الجهة القضائية المختصة تطبيقا لهذا القانون العضوي، إبطال عملية الاقتراع الذي أثبتت السلطة المختصة صحته، إلا إذا ترتب على القرار القضائي أثر مباشر على نتائج الانتخاب”.