برئاسة محمد بن هاشم، عقدت لجنة المالية والميزاية بالبرلمان، اليوم الثلاثاء، جلسة استماع هامة استعرض خلالها وزير المالية، عبد الكريم بو الزرد، الملامح الأساسية لمشروع قانون المالية لسنة 2026، والذي يُعتبر الأضخم في تاريخ الجزائر باعتمادات إجمالية تفوق 17.636 مليار دينار جزائري.
وشهدت الجلسة حضوراً برلمانياً رفيع المستوى، ضم السيدة نجيبة جيلالي، وزيرة العلاقات مع البرلمان، ونواب رئيس المجلس الشعبي الوطني، إلى جانب رؤساء المجموعات البرلمانية للأحزاب الرئيسية.
ميزانية غير مسبوقة في ظل ظروف دولية متقلبة
وفي كلمته الافتتاحية، أبرز رئيس اللجنة، محمد بن هاشم، أن هذا المشروع يقدم في ظل ظرف اقتصادي عالمي “يتسم بعدم الاستقرار” بسبب التوترات الجيوسياسية وتقلبات الأسواق. مشيراً إلى أن التوجهات الاستراتيجية لفخامة رئيس الجمهورية، السيد عبد المجيد تبون، تتركز على الحفاظ على التوازنات الكبرى والعدالة الاجتماعية، من خلال تثبيت الدعم العمومي وضمان استمرارية التحويلات الاجتماعية، دون فرض ضرائب جديدة مرهقة.
وأوضح أن اعتماد ميزانية بهذا الحجم يعكس “توجهاً واضحاً نحو تعزيز النمو الاقتصادي وتحسين الظروف الاجتماعية للمواطنين”، معتمداً على إجراءات هيكلية كبرى لدعم القدرة الشرائية وزيادة الأجور.
انتعاش الاقتصاد الوطني وتنويعه ركائز الأساس
من جانبه، استعرض وزير المالية، السيد عبد الكريم بو الزرد، المبررات الاقتصادية الكامنة وراء هذه الميزانية، مشيراً إلى أن الاقتصاد الجزائري عرف “انتعاشاً تدريجياً” خلال سنتي 2024 و2025، رغم التحديات الدولية. مؤكداً على نجاعة سياسة تنويع الاقتصاد، حيث شهدت الصادرات خارج المحروقات نمواً ملحوظاً، مدعوماً بالتركيز على تثمين الإنتاج الوطني.
وكشف الوزير عن مؤشرات نمو قوية في القطاعات غير النفطية، حيث سجل القطاع الصناعي نمواً يفوق 5%، بينما نما قطاعا الفلاحة والخدمات بنسبة 6% و 5% على التوالي.
أبرز مؤشرات و تدابير مالية 2026
كشف العرض التفصيلي للوزير عن جملة من المؤشرات والتدابير المصاحبة للمشروع، أبرزها:
السعر المرجعي للنفط: اعتماد سعر 60 دولاراً للبرميل في تقديرات الإيرادات.
حجم الميزانية: بلغ إجمالي الاعتمادات 17.636 مليار دينار جزائري.
الإيرادات والعجز: شكلت إيرادات سنة 2025 ما نسبته 60% من المداخيل (حوالي 5600 مليار دج)، مع تسجيل عجز في الميزانية بنسبة 4%.
وترتكز أبرز التدابير المقترحة على:
دعم المتعاملين الاقتصاديين وتسوية أوضاعهم الجبائية لتحفيز الاستثمار.
تعزيز القدرة الشرائية وتحسين الإطار المعيشي للمواطن.
دعم المؤسسات الناشئة عبر التخفيضات الضريبية.
مواصلة دعم برامج السكن، خاصة سكنات البيع بالإيجار.
تشجيع قطاعات استراتيجية كالصيد البحري وتربية المائيات والطاقات المتجددة.
استفسارات البرلمان: بين التغطية المالية والانشغالات المحلية
عقب العرض، ثمن أعضاء اللجنة دقة وإعداد مشروع القانون، معربين عن انشغالاتهم التي تمحورت حول:
وطنياً: آليات تغطية العجز المالي، وضمانات عدم اللجوء المفرط للتمويل غير التقليدي، وضرورة ترجمة الاعتمادات المرصودة إلى مشاريع ملموسة على أرض الواقع، مع تسهيل حصول المستثمرين على العقار الصناعي.
محلياً: طالب النواب بتجسيد مشاريع تنموية عالقة، أبرزها إنجاز مستشفى بولاية سيدي بلعباس، ومستشفيي 60 سرير في دائرة برج أغدير والجعافرة بولاية برج بوعريريج، إلى جانب تسريع وتيرة إنجاز المشاريع الطرقية والاجتنابية.
يذكر أن هذا المشروع سيشهد مناقشات مستفيضة في الأيام القادمة تمهيداً للمصادقة عليه، في خطوة تُعد محورية لتعزيز المسار التنموي وترجمة الرؤية الاقتصادية للحكومة.