أثار المؤتمر الصحفي الذي جمع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، بنظيره الكونغولي فيليكس تشيسيكيدي، يوم السبت الماضي، تفاعلا واسعا على منصات التواصل، بعدما أشار الرئيس الكونغولي باصبعه لماكرون قائلا ” انظروا إلينا بطريقة أخرى باحترام كشريك حقيقي وليس بنظرة أبوية وإملاءات”، واقتدى الرئيس الكونغولي بما فعله العديد من المسؤولين الافارقة اتجاه سياسة فرنسا على غرار بوركينافاسو ومالي وقبلهم الجزائر التي كانت الملهمة.
وبالعودة الى زيارة ماركون الى الكونغو بدأ الأمر بسؤال طرحته صحفية من وكالة الأنباء الفرنسية، حول تصريح مثير للجدل لوزير الخارجية الفرنسي السابق، جان إيف لودريان، عام 2019 حين أشار إلى أن نتائج انتخابات الرئاسة في الكونغو الديمقراطية كانت نتيجة ترتيب مسبق، بين الرئيس المنتهية ولايته جوزيف كابيلا، وفيليكس أنطوان تشيسيكيدي، ولا علاقة لهيئة الانتخابات في البلاد بذلك
تساءل الرئيس الكونغولي، فيليكس تشيسيكيدي، خلال رده، قائلا: لماذا تختلف رؤية الأشياء حين يتعلق الأمر بأفريقيا، لماذا لا تتحدثون عن تسوية أميركية مثلا حينما تكون هناك مخالفات في الانتخابات الأميركية أو تسوية فرنسية حين تحدث مخالفات في الانتخابات الفرنسية خصوصا زمن شيراك.
ومد تشيسيكيدي أصبعه نحو الرئيس الفرنسي قائلا: “هذا أيضا يجب أن يتغير في طريقة التعاون بين فرنسا وأوروبا عامة والكونغو الديمقراطية.. انظروا إلينا بطريقة أخرى باحترام كشريك حقيقي وليس بنظرة أبوية وإملاءات”.
ويأتي موقف الرئيس الكونغولي في سياق تصاعد الرفض الافريقي لسياسة الوصاية التي تمارسها فرنسا في العديد من الدول الافريقية، فقد قررت بوركينافاسو قبل ايام وقف العمل بـ”اتفاق المساعدة العسكرية” الموقع عام 1961 مع فرنسا، بعد أسابيع من طلبها سحب القوات الفرنسية، حيث خاطبت واغادوغو باريس بلهجة حادة ومنحتها “فترة شهر واحد” بعد استلام هذه الرسالة من أجل “مغادرة جميع الجنود الفرنسيين العاملين في الإدارات العسكرية في بوركينا فاسو بشكل نهائي”.
والعام الماضي أعلن المجلس العسكري الحاكم في مالي إلغاء الاتفاقيات الدفاعية الموقعة مع فرنسا ، شاجبا “الانتهاكات الصارخة” للقوات الفرنسية المتواجدة في البلاد للسيادة الوطنية و”خروقاتها الكثيرة” للمجال الجوي المالي وقبل ايام فقدت اللغة الفرنسية، مركزها كلغة رسمية في مشروع الدستور الجديد لدولة مالي، لتصبح لغة عمل فقط، وذلك في سياق أزمة غير مسبوقة بين باريس وباماكو، مع وصول القيادة العسكرية الجديدة إلى الحكم. وفي النيجر تصاعدت الأصوات الرافضة للتواجد الفرنسي حيث تم تنظيم عديد التظاهرات الشعبية في شوارع نيامي عاصمة النيجر احتجاجاً على الوجود العسكري لفرنسا في البلاد.
المواقف الجريئة للدول الافريقية اتجاه المستمر القديم فرنسا لم تأتي من باب الصدفة بل استلهمت من موقف الجزائر الذي كان شدديا اتجاه باريس مباشرة بعد تصريحات الرئيس ايمانويل ماكرون المسيئة للجزائر،
حيث تم منع تحليق الطائرات العسكرية الفرنسية على الاجواء الجزائرية واستدعاء السفير الجزائري بباريس لعدة أشهر وهو القرار الذي أدهش المسؤولين الفرنسيين وعلى رأسهم الرئيس ماكرون الذي تودد لاشهر من أجل إعادة بعث العلاقات بين البلدين قبل أن تعود الى الصفر بسبب قضية تهريب الناشطة المطلوبة من العدالة الجزائرية اميرة بوراوي والتي تم على اثرها استدعاءئ السفير الجزائري للمرة الثانية.
وفي لقاءاته المتعددة مع ممثلي وسائل الإعلام كان رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون يشير دائما إلى العلاقات الجزائرية الفرنسية ويؤكد على الندية في التعامل ومما قاله ”ما دامت فرنسا تُبيت لنا العداء، فمرحبا بها ونحن مستعدون” كما قال أيضا “على فرنسا أن تنسى أن الجزائر كانت مستعمرة”