أشرف الوزير الأول، السيد أيمن بن عبد الرحمان، اليوم الثلاثاء بالجزائر العاصمة، باسم رئيس الجمهورية، القائد الأعلى للقوات المسلحة، وزير الدفاع الوطني، السيد عبد المجيد تبون، على مراسم التنصيب الرسمي لرئيسة وأعضاء السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته.
وفي كلمة له خلال مراسم التنصيب التي جرت بقصر الحكومة، أشار الوزير الأول إلى أن الجزائر “كانت قد باشرت مسار إصلاحات كبرى وعميقة تضمنها برنامج رئيس الجمهورية الذي التزم ببناء جزائر جديدة تعزز فيها مبادئ الشفافية والنزاهة
والحكم الراشد وتكرس فيها أسس دولة الحق والقانون”.
وانطلاقا من ذلك، وإيمانا منه بأهمية هذه المبادئ والقيم –يضيف الوزير الأول– “أكد السيد رئيس الجمهورية منذ البداية على ضرورة أخلقة الحياة العامة واستقلالية القضاء وتعزيز المساءلة والمحاسبة وعلى ضرورة فصل المال عن السياسة لإبعاد نفوذ المال عن تسيير الشأن العام”، مبرزا “حرص رئيس الجمهورية على وضع اللبنات الأساسية لتكريس دولة المؤسسات”.
وقد إنعكس كل ذلك –يقول السيد بن عبد الرحمان– من خلال “التعديلات الجوهرية لدستور 2020، حيث تشهد الجزائر اليوم المحطة الأخيرة في استكمال بناء الصرح المؤسساتي بتنصيب السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته”.
وفي هذا الصدد، ذكر الوزير الأول بأن الدستور “صنف هذه السلطة ضمن المؤسسات الرقابية، كما زودها بصلاحيات واسعة تتولى بموجبها وضع استراتيجية وطنية للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته والسهر على تنفيذها ومتابعتها والمساهمة
في أخلقة الحياة العامة وتعزيز مبادئ الشفافية والحكم الراشد، والمساهمة في تدعيم قدرات المجتمع المدني والفاعلين الآخرين في نشر ثقافة نبذ الفساد وحماية المال العام”.
وفي إطار تكييف المنظومة القانونية مع الدستور، توقف السيد بن عبد الرحمان عند القانون رقم 22-08 الصادر بتاريخ 5 ماي 2022 والذي يحدد تنظيم السلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته وتشكيلها وصلاحياتها.
وقد منح هذا النص السلطة العليا –مثلما ذكر– “صلاحيات قانونية أخرى لا تقل أهمية عن الصلاحيات الدستورية، لعل أهمها التحري الإداري والمالي في مظاهر الإثراء غير المشروع لدى الموظفين العموميين”.
كما حرص ذات القانون على “توسيع تشكيلة مجلس السلطة العليا لتشمل إلى جانب قضاة وشخصيات وطنية ممثلين عن المجتمع المدني، استنادا إلى الدور الذي يمكن أن يلعبه المجتمع المدني كشريك أساسي ورئيسي في مكافحة الفساد والوقاية منه والتبليغ عنه”.
وبالمناسبة، عرج السيد بن عبد الرحمان على “مختلف الجهود التي بذلتها الدولة في إطار مكافحة الفساد، باعتماد إطار قانوني ومؤسساتي خاص بذلك، مطابق لأحكام اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة الفساد، تمثل أساسا في إصدار القانون المتعلق بالوقاية من الفساد ومكافحته سنة 2006 وانشاء الهيئة الوطنية للوقاية من الفساد ومكافحته وكذا الديوان المركزي لقمع الفساد”، مشيرا إلى أن الإنجازات المحققة لم ترق إلى الطموحات والتطلعات المرجوة، نظرا لعدم وجود إرادة سياسية قوية في مكافحة الفساد آنذاك.
وقال بهذا الخصوص: “لقد رأينا جميعا حجم التراكمات الناجمة عن الممارسات السلبية التي عرفتها بلادنا خلال السنوات الماضية والتجاوزات الخطيرة التي حدثت في تسيير الشأن العام وتبديد المال العام، وانتشار مختلف مظاهر الفساد”.
وإزاء ذلك، أدرجت الحكومة ضمن مخطط عملها، الذي ينبثق من الالتزامات الأربعة والخمسين لرئيس الجمهورية، محورا يتعلق بأخلقة الحياة العامة، التزمت فيه بإصلاح قانون الوقاية من الفساد ومكافحته من أجل تشديد العقوبات المرتبطة بجرائم الفساد، واعتماد الآليات العملية لتسيير الأملاك المحجوزة والمصادرة وتسيير الشركات محل المتابعات القضائية في قضايا فساد وكذا اعتماد طريقة تسوية ودية تضمن استرداد الأملاك المختلسة، فضلا عن تعزيز التعاون الدولي لاستعادة الأموال المنهوبة التي تم تحويلها الى الخارج، مثلما ذكر الوزير الأول.
كما تعمل الحكومة على عصرنة الإدارة وتبسيط الإجراءات الإدارية و رقمنتها وكذا على تعزيز نزاهة الموظفين العموميين من خلال “وضع منظومة للوقاية من تضارب المصالح وجعل الالتحاق بوظائف المسؤولية في الدولة يتم حصريا على أساس المؤهلات والجدارة والكفاءة والنزاهة”.
ومواصلة لهذه الجهود، أشار الوزير الأول إلى أنه من “المنتظر استكمال اعداد النصوص التنظيمية التي ستسمح للسلطة العليا من ممارسة مهامها وصلاحياتها بفعالية وعلى أكمل وجه، لاسيما مهمة وضع الاستراتيجية الوطنية للشفافية
والوقاية من الفساد ومكافحته مع تحديد آليات تنفيذها ومتابعتها”.
وفي هذا الصدد، أعرب السيد بن عبد الرحمان عن يقينه بأن “خبرة وكفاءة رئيسة وأعضاء هذه السلطة من شأنها المساهمة في تحقيق هذه الأهداف”، مؤكدا أنهم “سيلقون من الحكومة كل الدعم، تنفيذا لتعليمات السيد رئيس الجمهورية الذي أمر
بتوفير كل الإمكانيات المادية والبشرية التي تسمح للسلطة بتحقيق الأهداف التي أنشئت من أجلها”.
وفي الأخير، أعلن الوزير الأول عن تنصيب السيدة سليمة مسراتي رئيسة للسلطة العليا للشفافية والوقاية من الفساد ومكافحته، بالإضافة إلى أعضاء مجلس السلطة