تواصل حركة “جيل زد 212” الشبابية في المغرب احتجاجاتها في عدد من المدن، مطالبةً بتحسين خدمات الصحة والتعليم ومكافحة الفساد، إضافةً إلى رحيل رئيس الوزراء عزيز أخنوش.
شرارة الغضب.. وفاة 8 نساء في مستشفى واحد
بدأت احتجاجات الشباب، في 27 سبتمبر 2025م، بمظاهرات سلمية تطالب بتحسين الرعاية الصحية والتعليم وفرص العمل، وسرعان ما اكتسبت زخمًا واسعًا بعد انتشار خبر وفاة 8 نساء حوامل في مستشفى حكومي بأكادير، في وقت سابق من هذا الشهر، وقد أشعلت هذه المأساة، التي تُعتبر رمزًا لاهتراء نظام الرعاية الصحية في المغرب بسبب الإهمال الطبي ونقص التجهيزات، غضبًا عارمًا على أرض الواقع وفي العالم الافتراضي.
وردد المتظاهرون شعارات، مثل «توجد ملاعب، لكن أين المستشفيات؟!»، في انتقاد مباشر لاستثمارات الحكومة بمليارات الدولارات في البنية التحتية لكأس الأمم الأفريقية 2025م، وكأس العالم لكرة القدم 2030م، وقد استثمر المغرب أكثر من 9.5 مليارات درهم (حوالي 920 مليون دولار أمريكي) في البنية التحتية الرياضية استعدادًا لهذين الحدثين.
جذور الأزمة.. بطالة وفقر وخدمات مهترئة
لا يزال أغلب المتظاهرين متشككين في استجابة الحكومة لمطالبهم، فالأزمة أعمق من مجرد مستشفيات أو مدارس؛ إنها تتعلق بنظام فشل في الوفاء بوعوده لعقود، تبلغ نسبة البطالة بين الشباب في المغرب 35.8%، مع عجز 19% من خريجي الجامعات عن العثور على عمل، وهي أرقام تعكس ضائقة اقتصادية واسعة النطاق
لماذا فشل نظام المخزن في الاحتواء هذه المرة؟
يبدو أن الطبيعة اللامركزية للحركة صعّبت على نظام المخزن احتواءها، فقد أصدرت حركة «جيل زد 212»، التي تعمل بشكل عبر منصات مثل «إنستجرام»، و«تيك توك»، دعوات متكررة للاحتجاج السلمي،وأدت النساء دورًا بارزًا في الاحتجاجات، سواء كمنظمات أو كرموز لمطالب الحركة، خاصة بعد مأساة أكادير، ومن الحوادث البارزة اعتقال نجاة أنور، رئيسة جمعية لحماية الطفل، أثناء تحقيقها في تقارير عن اعتقالات لقاصرين، التي وصفتها لاحقًا بأنها جزء من حملة قمع واسعة للمجتمع المدني.
إدانات للقمع والتعسف للبوليس المغربي
أعلنت المنظمة الدولية للعدالة وحقوق الانسان فرع المغرب عن إدانتها الشديدة لما وصفته بالقمع والمنع واستعمال القوة لتفريق المتظاهرين السلميين في عدة مدن مغربية، وأكدت المنظمة أن هذه الممارسات تمثل انتهاكا صارخا للحق في التظاهر السلمي وحرية الرأي والتعبير.
وأوضحت المنظمة في بيانها أنها تابعت باهتمام شديد الاحتجاجات الأخيرة التي طالبت بالحق في الصحة والتعليم والعدالة الاجتماعية ونددت بالفساد. وعزت المنظمة حالة الاحتقان السياسي إلى ما وصفته بـ “السياسات الحكومية المتعاقبة اللاشعبية واللاديمقراطية”، وطالبت المنظمة، بالإفراج الفوري وإطلاق سراح جميع الموقوفين وإنهاء الملاحقات التعسفية، كما دعت إلى الاستجابة الفورية للمطالب الاجتماعية التي رفعتها الحركة الاحتجاجية، والتي تركزت على إصلاح منظومتي الصحة والتعليم العموميين، ومكافحة البطالة وتوفير فرص الشغل، بالإضافة إلى تحسين الأوضاع المعيشية ومواجهة غلاء الأسعار ومحاربة الفساد وربط المسؤولية بالمحاسبة