ممثلا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، شارك الوزير الأول، أيمن بن عبد الرحمان، يوم الخميس 15 ديسمبر 2022، بواشنطن، في افتتاح القمة الأمريكية الإفريقية الثانية على مستوى القادة، وقد ترأس الرئيس الأمريكي، جو بايدن، هذه الجلسة بحضور رؤساء دول وحكومات القارة
أكد الوزير الأول أن الشراكة الإفريقية-الأمريكية عرفت نقلة نوعية منذ القمة الأولى التي استضافها الولايات المتحدة الأمريكية، في أوت 2014، والتي تمحورت حول مواضيع هامة على غرار التجارة والاستثمار، والسلم والأمن والحوكمة، مشيدا المبادرات الأمريكية القيمة الموجهة أساسا إلى إفريقيا في مجالات التغذية والطاقة والتعليم العالي، بالإضافة إلى قانون النمو والفرص الإفريقية AGOA الذي مكن من تكثيف التبادل التجاري مع دول إفريقيا جنوب صحراء.
ومن جهته وعلى الصعيد السياسي، أكد الوزير الاول ان الجزائر تسجل بارتياح الإرادة التي أبدتها السلطات الأمريكية في تكثيف التشاور السياسي مع الدول الإفريقية حول أبرز القضايا والمسائل الجهوية والدولية ذات الاهتمام المشترك.
وفي معرض حديثه عن مخاطر وتحديات أمنية ومناخية وصحية واقتصادية، شدد بن عبد تالرحمان ان المخاطر تهدد استقرار منظومة العلاقات الدولية وتستدعي التعاون والتشاور، ليس فقط على المستوى الثنائي، بل على الصعيدين الإقليمي والدولي، داعيا للعمل سويا من أجل صياغة حلول حقيقية واستحداث آليات جديدة من شأنها اتقاء الأزمات الكامنة، وتسوية النزاعات، على أسس الشرعية الدولية، وفي إطار التوافق وتعددية الأطراف، بما يضمن حقوق ومصالح الجميع. ومن هذا المنطلق، فإن قمتنا هذه تمثل إطارا مناسبا لبحث السبل والآليات الكفيلة بمواجهة التحديات الراهنة.
وفي ذات السياق اكد ممثل رئيس الجمهورية أن القارة الإفريقية لا تزال تعاني من العديد من المخاطر، وعلى رأسها الإرهاب والتطرف العنيف وتأثيرات التغيرات المناخية التي ألحقت بالشعوب الإفريقية خسائر بشرية، وفقرا مدقعا وأزمات غذائية وصحية وملايين المهاجرين قسرا. إن هذا الوضع المقلق للغاية والذي يخلق حالة من عدم الاستقرار في المنطقة، يفرض علينا أن نظهر التزاما أكبر وتعاونا وثيقا لمواجهة هذه التحديات بشكل فعال، وكشف الوزير الاول ان الجزائر، بالشراكة مع الولايات المتحدة الأمريكية، ستحتضن في الربيع المقبل ندوة حول مكافحة الإرهاب في إفريقيا.
وعرج الوزير تالاول في كلمته على الصعيد الاقتصادي، إذا شخص ما تُعانيه الدول الإفريقية من مشاكل تنموية معقدة، تُضاعفها مشكلة الديون المترتبة عليها، والتي تشكل عائقا لجهودها التنموية داعيا للتفكير في سبل تخطي هذه الإشكالية وتحرير الاقتصادات الإفريقية من قيود المديونية.
“وهنا، يمكن أن نضع على رأس أولوياتنا المشتركة دعم الدول الإفريقية عن طريق ضخ استثمارات فعالة وناجعة تتماشى وخططها التنموية الوطنية، لاسيما في مجالات المنشآت القاعدية، والفلاحة والطاقة والمناجم، والصناعات التحويلية، مع مواءمة الجهود المسخرة في هذه الميادين مع أهداف الاندماج القاري، وتطلعات أجندة الاتحاد الإفريقي 2063. ”
“كما يتعين أيضا التركيز على نقل الخبرة والتكنولوجيا بما يُسهم في إرساء بيئة اقتصادية جديدة ملائمة للابتكار وخلق الثروة ومناصب الشغل لامتصاص البطالة التي تعرف معدلاتها في الدول الإفريقية مستويات مقلقة، وهنا، أود أن أشيد بعديد المبادرات التي أعلن عنها الرئيس الأمريكي جو بايدن، في كلمته أمام منتدى الأعمال الإفريقي الأمريكي، والتي يتعين العمل على تجسيدها وفقا لرزنامة محددة. ”
كما أوضح الوزير الاول المشاريع التي جعلت منها رافد لتعزيز الإندماج القاري مؤكدا ان” الجزائر، قناعة منها بالمصير المشترك الذي يربطها بأشقاءها الأفارقة، تتصور مشاريعها الوطنية وخططها التنموية وفق رؤية اندماجية، على غرار الطريق العابر للصحراء ومشروع الألياف البصرية وأنبوب الغاز، وهي منشآت تربط الجزائر بنيجيريا، وتتفرع إلى دول الجوار، فضلا عن مشروع طريق بين الجزائر وموريتانيا، يصل الجزائر بغرب إفريقيا، بما يعزز التكامل والاندماج في المنطقة، ويسهم في تعزيز حركية التنمية ويقلل من وطأة مخاطر الفقر ويحد من الهجرة غير الشرعية، كما تساهم الجزائر في جهود التنمية في إفريقيا على الصعيد الثنائي، لاسيما من خلال تكوين رأس المال البشري في شتى المجالات، والعديد من المبادرات التضامنية وأشكال التعاون المثمر مع الدول الإفريقية وبالأخص دول الجوار. ”
وفيما يخص تحدي الأمن الغذائي الذي يشكل أولوية وطنية، فقد أشادت منظمة الأغذية والزراعة للأمم المتحدة بالتقدم الذي أحرزته الجزائر، لاسيما من خلال تطوير وتكثيف الإنتاج وتحسين نوعيته، وترشيد الأنماط الاستهلاكية وتسيير فعال ومستدام للموارد، وذلك بالرغم من السياق السلبي الذي فرضته تداعيات جائحة كورونا.
واشاد الوزير الاول بالنقاشات البناءة التي ميزت مختلف المواضيع التي طبعت القمة وفق مقاربة تعاونية وتشاركية من أجل تحقيق أهداف السلم والاستقرار والتنمية في إفريقيا، وبما يسمح لنا بتعزيز التفاهم المتبادل والتنسيق والتشاور حول القضايا ذات الاهتمام المشترك والتحديات التي تواجه عالمنا اليوم.